رواندا ارض الالف تل
في أبريل 1994، شن القادة المتطرفون في جماعة "الهوتو" التي تمثل الأغلبية في رواندا حملة إبادة ضد الأقلية من توتسيي، وخلال فترة لا تتجاوز 100 يوم، قُتل ما يربو على 800 ألف شخص وتعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب، وفقًا لمعطيات الأمم المتحدة.
البلد الذي كان مسرحاً لأحد أكبر مجازر القرن العشرين، يصير اليوم قبلة لعشرات الآلاف من السياح الذين يتوافدون على بلد “الالف تلّة”، للاستمتاع بالهدوء ومتعة مشاهدة المناظر الخلابة.
وبانتهاء الغيمة الدموية التي مرت على البلاد، تلك المرتبطة بأحداث المجزرة الرواندية أعوام التسعينات، صارت البلاد اليوم إحدى أكثر الوجهات السياحية جاذبية في منطقة تشهد اضطرابات في شرقي الكونغو الديمقراطية وفي الجارة بوروندي.
ويوفر القطاع السياحي الرواندي طيفا واسعا من نقاط الاستقطاب لعل أهمها على الإطلاق، يبقى براكين الحديقة الوطنية الواقعة في أقصى شمالي غرب البلاد، على الحدود مع الكونغو الديمقراطية وأوعندا، على بعد 120 كلم فحسب من العاصمة كيغالي، وهو يعد أول وجهة سياحية في البلاد على مستوى مداخيل العملة الصعبة.
موقع مكن لوحده من إدخال مبلغ، 5.4 مليون دولار للخزينة العامة للبلاد خلال الثلاثية الأولى من سنة 2015، أي بنسبة تبلغ 90 بالمئة من المداخيل الجملية لمجموع الحدائق الوطنية الثلاث، بحسب أرقام الوكالة الرواندية للتنمية.
مارتين ماني، فنان موسيقي قدم إلى هذا الموقع محمولا بروح المغامرة يقول: “لقد علمت أن أكثر من 300 غوريلا موزعة على 20 مجموعة تعيش في حديقة البراكين. أتيحت لي الفرصة اليوم لزيارة إحدى هذه المجموعات ويطلق عليها إسم نتامبارا. هي عائلة مكونة من 10 غوريلات. لقد كانت تجربة مذهلة لأنه للغوريلا أسلوب حياة شديد التنظيم، انا سعيد جدا بهذه التجربة”.
وتمتلك رواندا حديقتين وطنيتين أخريين تشكلان مصدر فخر للبلاد، هما الحديقة الوطنية بـ أكاجيرا (شمال شرق) و حديقة نيونغوي (100 الف هكتار)، تشكل الرئيس التي تتنفس بها البلاد، فضلا عن كونها أكبر غابة استوائية ذات رطوبة في القارة الإفريقية.
ولا يقتصر المنتوج السياحي الرواندي على ما تكفلت الطبيعة بتوفيره، والفكرة أن للبلاد ذاكرة وطنية جديرة بأن تصان، فقد عمدت السلطات إلى إنشاء مراكز يمكن من خلالها للزائر التعرف على أهوال مجزرة 1994 التي ذهب ضحيتها التوتسي (من 800 ألف إلى مليون ضحية).
وفي موقع الذاكرة بكيغالي (واحد من بين عشرات المواقع التي تعدها البلاد، بنسبة موقع في كل إقليم في الأقاليم الـ 30 التي تعدها البلاد)، ينتشر أكثر من 200 شاهد قبور، يحدق فيها الزوار بذهول ممزوج بالألم، فضلا عن مجموعة من الصور والمعارض المخصصة لذلك، كي تبقى ذكرى ضحايا آخر مجازر القرن العشرين حية في العقول و القلوب.
وإن لم يكن هذا الموقع ذا فائدة اقتصادية ومالية، بما أن الدخول إليها مجانا، فإنه يشكل ممرا لا غنى عنه للمئات من الزوار يوميا.
وقد مكن القطاع السياحي رواندا من مداخيل بلغت 303 مليون دولار عام 2014، أي بنسبة نمو بلغت 4.4 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية، فيما تتطلع السلطات الرواندية إلى تنمية القطاع السياحي بنسبة 25 بالمئة في أفق 2017.
تعليقات
إرسال تعليق